وهذا بخلاف المؤمنين, الذين إذا تخلفوا - ولو لعذر - حزنوا على تخلفهم, وتأسفوا غاية الأسف, ويحبون أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه, لما في قلوبهم من الإيمان, ويرجون من فضل اللّه وإحسانه, وبره وامتنانه.
" وَقَالُوا " أي: المنافقون " لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ " أي: قالوا إن النفير مشقة علينا, بسبب الحر.
فقدموا راحة قصيرة منقضية, على الراحة الأبدية التامة.
وحذروا من الحر الذي تقي منه الظلال, وتذهبه البكور والآصال, على الحر الشديد, الذي لا يقادر قدره, وهو النار الحامية.
ولهذا قال: " قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ " لما آثرو, ما يفنى, على ما يبقى, ولما فروا من المشقة الخفيفة المنقضية, إلى المشقة الشديدة الدائمة.