فوبخه اللّه على ذلك وقال: " مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ " لما خلقت بيديَّ, أي: شرفته, وفضلته بهذه الفضيلة, التي لم تكن لغيره, فعصيت أمري, وتهاونت بي؟ " قَالَ " إبليس معارضا لربه: " أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ " .
ثم برهن على هذه الدعوى الباطلة بقوله له: " خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ " .
وموجب هذا, أن المخلوق من نار, أفضل من المخلوق من طين لعلو النار على الطين, وصعودها.
وهذا القياس من أفسد الأقيسة, فإنه باطل من عدة أوجه.
منها: أنه في مقابلة أمر اللّه له بالسجود, والقياس إذا عارض النص, فإنه قياس باطل, لأن المقصود بالقياس, أن يكون الحكم الذي لم يأت فيه نص, يقارب الأمور المنصوص عليها, ويكون تابعا لها.
فأما قياس يعارضها, ويلزم من اعتباره إلغاء النصوص, فهذا القياس من أشنع الأقيسة.