وهو: أن الشرك, لا يغفره الله تعالى, لتضمنه القدح في رب العالمين, ووحدانيته, وتسوية المخلوق, الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا, بمن هو مالك النفع والضر, الذي ما من نعمة إلا منه, ولا يدفع النقم إلا هو, الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه, والغنى التام بجميع وجوه الاعتبارات.
فمن أعظم الظلم, وأبعد الضلال, عدم إخلاص العباده لمن هذا شأنه وعظمته, وصرف شيء منها للمخلوق, الذي ليس له من صفات الكمال شيء, ولا له من صفات الغنى شيء, بل ليس له إلا العدم.
عدم الوجود, وعدم الكمال, وعدم الغنى من جميع الوجوه.
وأما ما دون الشرك من الذنوب والمعاصي, فهو تحت المشيئة.
إن شاء الله غفره برحمته وحكمته.
وإن شاء عذب عليه, وعاقب بعدله وحكمته.
وقد استدل بهذه الآية الكريمة, على أن إجماع هذه الأمة, حجة, وأنها معصومة من الخطإ.
ووجه ذلك: أن الله توعد من خالف سبيل المؤمنين, بالخذلان والنار.
وسبيل المؤمنين مفرد مضاف, يشمل سائر ما المؤمنون عليه, من العقائد والأعمال.
فإذا اتفقوا على إيجاب شيء, أو استحبابه, أو تحريمه أو كراهته, أو إباحته - فهذا سبيلهم.
فمن خالفهم في شيء من ذلك, بعد انعقاد إجماعهم عليه, فقد اتبع غير سبيلهم.
ويدل على ذلك قوله تعالى: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ " .
ووجه الدلالة منها, أن الله تعالى, أخبر أن المؤمنين من هذه الأمة, لا يأمرون إلا بالمعروف.
فإذا اتفقوا على إيجاب شيء, أو استحبابه, فهو مما أمروا به.
فيتعين - بنص الآية - أن يكون معروفا, ولا شيء بعد المعروف, غير المنكر.
وكذلك إذا اتفقوا على النهي عن شيء, فهو مما نهوا عنه, فلا يكون إلا منكرا.