ولما ذكر جزاء الكافرين, ذكر جزاء المؤمنين, أهل الأعمال الصالحات, كما هي طريقته تعالى في كتابه, يجمع بين الترغيب والترهيب, ليكون العبد راغبا راهبا, خائفا راجيا فقال: " وَبَشِّرِ " أي: أيها الرسول, ومن قام مقامك.
ووصفت أعمال الخير بالصالحات, لأن بها تصلح أحوال العبد, وأمور دينه ودنياه, وحياته الدنيوية والأخروية, ويزول بها عنه فساد الأحوال, فيكون بذلك من الصالحين, الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته.
" تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ " أي: أنهار الماء, واللبن, والعسل, والخمر يفجرونها كيف شاءوا, ويصرفونها أين أرادوا, وتسقى منها تلك الأشجار فتنبت أصناف الثمار.
" كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ " أي: هذا من جنسه, وعلى وصفه, كلها متشابهة في الحسن واللذة.
ليس فيها ثمرة خاسة, وليس لهم وقت خال من اللذة, فهم دائما متلذذون بأكلها.
وقوله " وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا " قيل: متشابها في الاسم, مختلفا في الطعم.
وقيل: متشابها في اللون, مختلفا في الاسم.
وقيل: يشبه بعضه بعضا, في الحسن, واللذة, والفكاهة, ولعل هذا أحسن.
ثم لما ذكر مسكنهم, وأقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم, ذكر أزواجهم, فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه, وأوضحه فقال.
" وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ " فلم يقل " مطهرة من العيب الفلاني " ليشمل جميع أنواع التطهير.